وهنا نجد في السورة تشبيهات تصور حال المنافقين
وحقيقتهم بموجب أربعة أمثلة
المثال الأول : هو حول دخولهم في الإيمان ثم استبدالهم له بالضلالة :
{ مثلهم } صفتهم في نفاقهم { كمثل الذي استوقد } أوقد { ناراً } في ظلمة
{ فلما أضاءت } أنارت { ما حوله } فأبصر واستدفأ وأمن مما يخافه
{ ذهب الله بنورهم } أطفأه وجُمع الضمير مراعاة لمعنى الذي
{ وتركهم فيظلمات لا يبصرون } ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين
فكذلك هؤلاء أمِنوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا ماتوا جاءهم الخوف والعذاب.
المثال الثاني: يشبههم بالصم البكم العمي الذين لايرون طريق الهدى عن الضلالة
هم { صمٌّ } عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول { بكم } خرس
عن الخير فلا يقولونه { عميٌ } عن طريق الهدى فلا يرونه { فهم لا يرجعون } عن الضلالة
المثال الثالث: يشبههم بقوم نزل عليهم غضب من الله وهو مطر قوي ورعد وبرق فوضعوا أصابعهم في آذانهم ظناً منهم أن هذا سوف ينقذهم لكنهم لن يهربوا من عقاب الله
أو } مثلهم { كصيِّب } أي كأصحاب مطر وأصله صيوب من صاب يصوب أي
ينزل {من السماء } السحاب { فيه } أي السحاب { ظلمات } متكاثفة { ورعد }
هوالملك الموكَّل به وقيل صوته { وبرق } لمعان صوته الذي يزجره به {
يجعلون }أي أصحاب الصيِّب { أصابعهم } أي أناملها { في آذانهم من } أجل {
الصواعق} شدة صوت الرعد لئلا يسمعوها { حذر } خوف { الموت } من
سماعها. كذلك هؤلاء :إذا نزل القرآن وفيه ذكر الكفر المشبه بالظلمات والوعيد
عليه المشبه بالرعد والحجج البينة المشبهة بالبرق، يسدون آذانهم لئلا يسمعوه
فيميلوا إلى الإيمان وترك دينهم وهو عندهم موت { والله محيط بالكافرين } علماً
وقدرة فلايفوتونه.
بسم الله الرحمن الرحيم
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18)
أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19)